سيدي عالي ولد بلعمش
يقول الدمشقيون إن الياسمين إحتلم ذات ليلة فكانت دمشق ،
وذات ليلة بائسة من خمسينيات القرن الماضي تزوج عسكري علوي يدعى المختار ولد بلعمش بإمرأة من قبيلة " الرعيان " أفرغ فيها مرارة أيامه فتجسدت مرارة الأيام شتاء سنة 1959 فى مدينة "النعمة " طفلا هزيلا أطلقوا عليه مجازا سيدي عالي ترعرع بين خيام أهل ابنيجارة ونجوع الرعيان فقير الأرومة والمنبت .
قذفه يمُّ الفقر فى الحوض إلى ساحل الضياع فى انواكشوط لتبتلعه أزقة مدينة R ومدينة G ومدينة 3 ومدينة بطوارْ و مدينة سيداتي و زهرة المدائن " مدينة بوش " تسكع يمتهن " إسْگـاطَ " بين المدائن كان يشاهد سمراوات المدائن وهن يزججن الحواجب ويكحلن العيون ويلبسن أكسية الإضريج والشرعبي ذا الأذيال ويحملن مجلات " الفوتو روما " فيتمنى لفرط خذلانه لوكان البطل " فرانكو گـاسْبارِي " عاش عقدة مدينة بلا قلب كمدينه عبد المعطي حجازي ، اختلف إلى المدرسة 8 وخيار وإعدادية البنين والثانوية الوطنية و انخرط فى الكادحين حين استجاب استجابة غير واعية لخطاب تلك الحركة وذلك فى أوج المد اليساري فعرف رأس المال و الكتاب الأحمر و صيحة المظلوم ، وعرف أسماء مثل كارل ماركس وهوشي منه وماوتستونغ وارنستو تشي غيفارا و فيدل كاسترو والرفيق سيد محمد ولد سميدع والمصطفى نجل الدمين وعمال ازويرات و ..
وعرف أسماء موازية مثل النقيب " مَمَيْ " وعبدو اللاَّيْ سي" لحْرُورْ" و بكار ولد أعلي قنوه وأواه ولد لوليد ومحمد ولد خيار وولد حيماس و .. ، عاش انقسام الحركة الوطنية للكادحين بين ميثاقيين ورافضة .
ذهب إلى الإتحاد السوفياتي ليدرس القانون والدراسة فى لاتحاد السوفياتي لشدة القر تحتاج قدحا وضمة ياسمين ولولا القدح والضمة الظاهرة والمقدرة لقضى من الصقيع .
فى 27/2/1985 عين فى الإمارت فيما يعرف بــ " إبَّليسْ قطرْ " شرطيا تحت الر قم 13068 عمل بالنجدة ثم بالحراسات فتقاذفه الخفارات ، كان منزويا خجولا له صديقان : محمد ولد محمذن فال الملقب " صُوگـُوفّارا " والإمام باي الشيخ ، تحمعه بالأول قواسم مشتركة تتعلق بتسكع قديم فى أزقة المدائن والكدحة وأشياء تتعلق بالعقيدة وانتجاع ذات النجع الفكري فكلاهما حسب مقربيه رث العقيدة مَعَريّ الفلسفة ، وتجمعه بالثاني علاقة تفاهم وجيرة تعززت حين سكن سيدي عالي خلف " سوبر ماركت شاهين " فى بني ياس قريبا من الإمام فكان يقتات من فتات الأخير
كان يؤجرعلى شارع ألكترا فى عمارة " "Venice Laundry" فى الطابق التاسع غرفة صغيرة مع حمام مشترك كان يجلس علي كرسي يشعل سيجارة من أخري يحتسي ويكتب ويرسل مقالات لجريدتي - الإتحاد - والخليج ، وكان قارئا نهما ، انتقل من شارع ألكترا وسكن فى " بني ياس " وتحدث البعض أن روسية قديمة تزوجها أيام الإتحاد السوفياتي تسكن معه وتحدث البعض عن علاقاته بالحبشة والعمارات السبع وكثيرا ما ريــ ءَ وهو يلبس بدلة ويضع ربطة عنق ويتجول بين الفنادق وكان يرتاد كثيرا حسب البعض فندق " زاخر " سيئ السمعة والذى يرتاده السكارى وقد شاع عنه ولعه بابنة الكرم .
فى 10/ 4 / 1999 تم إنهاء خدمات سيدي عالي لعدم كفاءته في العمل وغادربعد الفصل الإمارات فى ظروف يكتنفها الغموض يقول البعض إنه هرب حين بادر بأخذ سُلفة من المشرق ويقول البعض إن خدماته أصلاً تم إنهاؤها لأسباب صحية والبعض يُعدد أسبابا أخرى المهم أن الرجل غادر ..
عاد الرجل إلى المنتبذ القصي وبما أن الصحافة هي عمل من لاعمل له فى المنتبذ خاصة فى ظل غياب مؤهلات المهنة فى بلد لاتحتاج المهن فيه لسيرة ذاتية فقد تسكع سيدي عالي على أرصفتها كدأب من سبقه من أوغاد المحبرة وما شيخنا ولد النني منا ببعيد فى المنتبذ القصي جاءه صديقه باي الشيخ فأنشأئا صحيفة " الأولى " ومع مجيئ المؤتمن وجد فيه سيدي عالي ضالته حيث جلبه صهر ختو الإمام باي الشيخ إلى عالم ختو بنت البخاري :
وهناك لقي صديقه القديم - الأمين العام لهيئة ختو بنت البخارى الخيرية - " صُوگـُوفّارا " وتحرك الشوق القديم لمدينه بوش وذو الشوق القديم وإن تعزى مشوق حين يلقى العاشقينا فعمل الثالوث فى بلاط صاحبة الجلالة والسيدة الأولى ، ليلتحق بهم وغد رابع هو محامي هيئة ختو بونن ولد اعثيمين والذى انقلب عليها بعد 6 غشت ليتلاسن المرجفان سيد عالى وول اعثيمين ولسان حالهم ليس الشفيع الذى يأتيك مأتزرا مثل الشفيع الذى يأتيك عُريانا .
عمل سيدي عالي مسؤولا إعلاميا فى هيئة ختوبنت البخاري الخيرية وكان لايبرح مقر الهيئة الكائن فى المقر السابق لعيادة طبيب أمراض النساء حمِّينْ " ابن سيناء " قرب " ابيتيگـْ كسكسْ " فاتخذه مقرا دائما لقربه من بائع " ilot :v " ولكونه مصيدة ماثلة فى قلب العاصمة ولكونه مكانا هادئا خاليا مناسبا لممارسة جميع الهوايات .
سيدي عالي رجل قبلي الجِبِلة جهوي حتى النخاع هلامي الطبع ، اناني النزعة، شوفيني ، يعاديه نصف المجتمع و يعادي هو نصفه الآخر ومع ذلك يضع نفسه حكما ، حين تراه توقن أنه من فلاسفة القرن الثامن عشر فهو ساهم الطرف شارد الذهن منفوش الشعر يذكرك بصورة الفيلسوف فريدريك نيتشه .
مسكون بكراهية عمياء لكل ما يمتُّ للمختار ولد داداه بصلة ولايفتأ يسِمه بالعمالة لفرنسا وأنه صنيعتها ، يؤمن سيدي عالي بنظرية المؤامرة حدَّ الهوس ويرى أن جميع مآسي العالم سببها فرنسا فلو قلت له إن قطارا انحرف عن سكته فى الهند لقال لك إن السبب هو فرنسا وعمالة ولد داداه
ـ يقول بيرنارد شو : "الرجل الخسيس ينتقم لخسته من الرجل الشريف"
و هذا ما نقرؤه في أبهى تجلياته من هجوم سيدي عالي الكاسح على الرئيس المختار ولد داداه الذي لم يستطع أن يجد في تاريخه ما يستدل به على ما يسوق عنه من أباطيل فلم يتورع عن حشوها بما طاب له من اتهامات مجانية لا تستند إلى شيء .
كتب سيدي عالي عن المختار ولد داداه :
" .. و من المفارقات اللافتة للانتباه أن الفرنسيين لم يستطيعوا فرض الرجل في مدينة مولده و عاصمة فتوى الخيانة الأولى التي حولت جريمة المستعمر إلى فتح عظيم. ـ كان على الفرنسيين لتسويق المختار ولد داداه أن يذهبوا بعيدا إلى مدينة شنقيط التي تجهل قصته : كان المختار ولد داداه يحمل كل صفات الرجل المطلوب لتمثيل فرنسا في موريتانيا بعد رحيل أساطيل إمبراطوريتها من إفريقيا : درويش غامض الشخصية ، مستعد لكل شيء ، بارع الحيلة ، بارد الطبع ، مائع التفكير و يتمتع بما تحتاجه المؤامرة من دهاء و استعداد و براعة في التمثيل !.. "
لست أدافع عن ولد داداه لكنني أرى أن الرجل لم يتروع ولم يتق الله لافى المختار ولا فى أهل الشيخ سيديا ولا فى بوتلميت ..
كتب سيدي عالي :
" .. و تماديا في العار يبحر بنا ولد ابريد الليل في استهلال آخر ، خلط فيه الحابل بالنابل ... أجهد نصوصه و أجهض أفكاره بتحميل المشهد ما لا يحتمله بحثا في "تلك العصور البعيدة" عن عزة نفس لم يتوفق في نسج خيوطها بين مهادنة اترارزة التي حولها إلى بطولة أسطورية في عشرات السطور و استشهاد بكار الذي ضن عليه بسطر ليكون الشهيد العظيم الأمير بكار ولد اسويد أحمد الذي عاش على الخط الأمامي للمواجهة هو من "فوجئ" كالنائم تحت الشجرة ؟ و لا يذكر لنا ولد ابريد الليل أن إمارة الترارزة هي من قدمت ألف جمل و ثلاث كتائب للمستعمر للقضاء على المجاهد الكبير الأمير المظفر بكار ولد اسويد أحمد !.. "
التعليق متروك للقارئ على هذه النماذج من شوفينية الرجل
حين وصف المحامي محمدن ولد الشدو انقلاب 1978 بالمشؤوم ثارت ثائرة ولد بلعمش ونطح الجبل العالي ليوهنه ولم يشفق على الرأس فى محاولة النيل من الجبل ، وحين تطاول القزم ولد إعثيمين على ولد بدر الدين وولد مولود ذات جدلية إديالكتيكية رد ولد بلعمش على ولد اعثيمين :
" .. تناطح قمما شامخة مثل ولد مولود و ولد بدر الدين في ميدان أمضوا فيه عمر تزلفك و تشهر بنفسك أمام جمهور يعيشون بينه بكل أمجاد التاريخ، لإرضاء جنرال مزور لا يستحق رتبة عريف سيرحل قبل أن يجف حبر ارتزاقك ؟ .. "
فكم ياترى أمضى ولد الشدو فى ذات الميدان على مدارج الحرية يا سيدي عالي ؟ لاشك أنه أكثر من عمرإرجافك
برز خلال الأزمة الأخيرة ينظر للوهم ويروج للمغالطات ويهول الصغائر وأرعد وأزبد وتمنى الصواعق لنحصد فى نهاية خريف غضبه مرارة وصدمة ليست هي ما كنا نبحث عنه بكل تأكيد ، كتب فى آخر مقال قبل الإنتخابات أنه إذا نجح داداه أو عزيز فإنه سيهاجر عن المنتبذ القصي ، واليوم عاد كأن شيئا لم يكن بكتب عن فرنسا ومآمراتها ويسب داداه فى قبره ويبحث عن شيئ يشربه فتجيبه دمشق :
إشرب دموعك .. فالدموع شرابُ
ولم يأت وقد "نجح "عزيز على خبر الهجرة عن المنتبذ القصي .
تلك نتف من سيرة رجل نزق يعد نفسه صانعا للرأي العام وموجها ومعلما للأجيال ويكتب بكثير من الوعظ لكن :
كامل الود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق